تنتشر في المجتمع الليبي ظاهرة التسول ككل المجتمعات الأخرى ، فعندما يخرج الليبي من بيته أو مكان عمله لقضاء حوائجه في الأماكن الحيوية للمدينة سيلاحظ انتشار عدد كبير من المتسولات و الأطفال الذين يتسولون ويستجدون عطف الناس بثيابهم الرثة و عبارات الترجي ،وسيشاهدهم وهم يتحدثون لهجة غير ليبية بالرغم من أن بعض العجائز يلبسن الزى الليبي (الجرد) ويلبسن الخمار وينتشرن بشكل ممنهج في تنسيق تام بين تلك الأماكن .
وفي هذا السياق قالت العضو بالشؤون الاجتماعية المحامية “منى الصويد” إنها “أول من خاطب الجهات التنفيذية للقبض على المتسولات عن طريق منسق الشؤون الاجتماعية المتمثلة في القضاء والسلطة التنفيذية المتمثلة في الأمن الوطني و كتيبة حماية بنغازي”.
وأضافت”بناءً على تلك المخاطبات قام الأمن الوطني بحملتين كبيرتين، وتم القبض على كثير من تلك المتسولات، و بما أن الوقت الحالي هو مرحلة انتقالية ، فالهيأة القضائية غير مخولة حاليا للبث في هذه القضايا”.حسب قولها.
عدم ترحيل
وعبرت الصويد عن استيائها تجاه الإفراج عن 12 من تلك المتسولات ،مع أن الجهات التي قبضت عليهن قامت بتبليغ تلك الجهات عن إمكانية تعاونهم مع منظمة الهلال الأحمر و منظمة الهجرة الدولية لمساعدتهم على ترحيل المتسولات إلى بلدانهن”.
رئيس كتيبة حماية بنغازي “فوزي ونيس القذافي” قائلا “نظرا لانتشار عدد كبير من المتسولات في كافة أنحاء المدينة، و خاصة المناطق الحيوية و مواقف السيارات، قام أعضاء الكتيبة بالعديد من الحملات مستخدمين السجانات من النساء بأقسام الشرطة للقبض على تلك المتسولات”.
وقال إن أعضاء الكتيبة التي يرأسها “قاموا بالتحقيق معهن و عند الرجوع إلى جوازات السفر تبين أنهن من جنسيات مختلفة معظمهن مصريات من منطقة المنيا و تشاديات”. كاشفا أنهم “لم يقبضوا على أي واحدة ليبية و تم ترحيلهن إلى بلدانهن ونحن مستمرون في تلك الحملات لتطهير البلاد من هذه الظاهرة”.
عمل ممنهج
وذكر فوزي القذافى أن الحدود مفتوحة و دخول تلك النساء يعتبر أمرا سهلا و بمبالغ زهيدة تتراوح بين مائة وخمسين ومائتي دينار ليبي,ولم يعرف المسؤول عن دخولهن”.موضحا في السياق نفسه”إن هذا العمل ممنهج و من يقوم به عصابات كبيرة منتشرة و معروفة في كافة أنحاء العالم”.
وقال إن هذه العصابات بحسب رأيه “تقوم بتسهيل نشر تلك المتسولات في الأماكن الحيوية بالمدن في ساعات الذروة لاستعطاف الناس عن طريق الأطفال، وبدأت تنتشر بشكل واضح و ملفت في هذه الفترة بالذات”.
من جانبه صرح مدير فرع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في مدينة بنغازي “مفتاح الفرجانى” بأنهم “قاموا في عهد النظام السابق باقتراح آلية للحد من هذه الظاهرة ،تتمثل في تكوين لجنة أعضاؤها من الجوازات والأمن و الشؤون الاجتماعية و الزكاة، لتنظر في أمر تلك المتسولات و المتسولين أيضا”.
حلول وصعوبات
وقال إن الأمن”يقوم بضبط المتسولين و معرفة جنسياتهم,و الجوازات تقوم بترحيل من هم غير ليبيين,وبالنسبة لليبيين فالضمان الاجتماعي مسؤول عن إيجاد فرص عمل لمن هو قادر منهم مثل مشروع صناعي أو حرفي عن طريق الزكاة, وإعطاء مرتبات شهرية و ثابتة لغير القادرين”.
وأبدى الفرجاني أسفه حول ما قال إنها”الكثير من الصعوبات في ذلك الوقت”.مضيفا أنه”لم يتم تفعيل عمل اللجنة سوى مدة لا تتجاوز الأسبوع، فقد بدأت المشاكل بالظهور منذ اليوم الأول فهؤلاء المتسولين ورائهم عصابات عملوا على استخدام نفوذهم لإخراجهم و عليه توقف عمل اللجنة”.
وقال إن منع هؤلاء المتسولين الآن”من دون آلية و إعادة تأهيل صعب و غير مجد , فلو فعلت هذه اللجنة من جديد ستؤتى ثمارها و نقضى على هذه الظاهرة”.
وأرجع الصعوبة إلى تفعيل عمل هذه اللجنة إلى”غياب الجهاز التنفيذي القوى القادر على القبض على تلك المتسولات”.مردفا بقوله”من الملاحظ أن المتسولات اللائي نراهن هذه الأيام أجنبيات,وليبيا بعد 17 فبراير أصبحت محط أنظار العالم ,وحرام علينا نحن الليبيين أن نترك صورتنا تتشوه هكذا من خلال هذا المظهر غير الحضاري و البعيد عنا كل البعد”.
وناشد الفرجاني الجهاز الأمني”بالتعاون معنا و نحن كأوقاف و زكاة على استعداد تام لكل ما يطلب منا بشتى الطرق , عبر منابر الجمعة , تذليل الصعاب المالية إن وجدت”.
رأي شرعي
وقال العضو المؤسس لهيأة علماء ليبيا الشيخ”حسن الشريف”إن سؤال الناس فى المساجد محرم حتى لو كان السائل محتاجا، ففي بيت الله لا تسأل إلا الله عزوجل، وحتى التبايع في المسجد نهى عنه الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ حيث قال”قولوا لهؤلاء لا رد الله لك ضالتك و لا أربح الله لك تجارتك” .
وأضاف”علينا ألا ننهر تلك المتسولات ولكن عدم إعطائهن المال لأنهن متكسبة , وفى بعض الأحيان تكون أحوالهن خير من الذي يعطيهن , وبذلك يأكلن أموال الناس بالباطل , وقد نهى الله ـ عز و جل ـ عن ذلك بقوله (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ) , فواجب على الدولة أن تمنعهن”.
ووصف الشريف ظاهرة التسول بأنها”غير حضارية , فإذا كانت المتسولة ليبية ومحتاجة تذهب لقسم الزكاة سيصرف لها راتبا و هي معززة مكرمة في بيتها , أما إن كانت غير ليبية فلترحل إلى بلدها”.
وقال”لا يجوز الاحتيال على المسلمين بأخذ أموالهم بأي وجه كان حتى و لو كان بإدعاء المرض أو الفقر خصوصا من يتخذ مثل هذه الأنواع كمهنة, مثل قبائل الغجر في الأصل الزوج يجلس بالبيت و الزوجة تتخذ التسول كمهنة”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق